القول المفيد في اجتماع الجمعة و العيد (الجزء 3)
صفحة 1 من اصل 1
القول المفيد في اجتماع الجمعة و العيد (الجزء 3)
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
قال الشارح: يعني إذا وافقالعيد يوم الجمعة سقطت عمن حضر مع الإمام ، وممن قال بالسقوط الشعبي ، والنخعي ،والأوزاعي ، وقد قيل: إنه مذهب عمر ، وعثمان ، وعلي ، وسعيد ، وابن عمر ، وابن عباس، وابن الزبير ، وقال أكثر الفقهاء: لا تسقط الجمعة؛ لعموم الآية والأخبار الدالةعلى وجوبها ، ولنا حديث معاوية ، ثم ذكر حديث زيد بن أرقم ، وحديث أبي هريرة(وقد سبق ذكرهما في كلام ابن عبد البر ، وهكذا قال: أبو محمدبن قدامة : وزاد في تعليل الفقهاء لعدم السقوط لأنهما صلاتان واجبتان ، فلم تسقطإحداهما بالأخرى كالظهر مع العيد وأجاب بأن الجمعة إنما زادت عن الظهر بالخطبة ،وقد حصل سماعها في العيد ، فأجزأ عن سماعها ثانيا ، ولأن وقتهما واحد بما بيناهفسقطت إحداهما بالأخرى كالجمعة مع الظهر ، وما احتجوا به مخصوص بما رويناه وقياسهممنقوض بالظهر مع الجمعة . فأما الإمام فلم تسقط عنه؛ لقول النبي صلى الله عليهوسلم: وإنامجمعون(ولأنه لو تركها لامتنع فعل الجمعة في حق من تجب عليه ، ومنيريدها ممن سقطت عنه ، بخلاف غيره من الناس(. وهكذا ذكر ابن أبي عمر.) انتهى النقل من بحث العلامة الجبرين.
3: قول بعض الشافعية و ترجيح الشيخ ابن جبرين أنها تسقط عن أهل العوالي و لا تسقط عن أهل الأمصار..
قال ابن جبرين(
وبعد هذه الجولةوالمراجعة لكتب الأئمة ، والتعرف على مذاهب العلماء وأقوالهم ، يترجح لي قولالشافعية ، ولعله رواية عن الإمام أحمد ، وإن كانت غير المشهورة ، فتكون الرخصةخاصة بمن يأتي إلى العيد من مكان بعيد ، كأهل العوالي ونحوهم ، وذلك من باب التخفيفعليهم ، فإنهم يأتون من مسيرة ساعتين أو نحوها ، فقد يسير بعضهم قبل الفجر بساعة أوأكثر ، ويضطرون إلى الرجوع إلى أهليهم على أرجلهم ، أو على رواحل عادية كالحمروالإبل ، وذلك قد يستغرق ساعتين أو نحوها ، فلو لزمهم الرجوع إلى الجمعة لسارواراجعين نحو ساعتين ، ثم رجعوا مثلها ، فينقضي عيدهم ذلك كله في ذهاب ورجوع ، وفيهذا من المشقة والصعوبة ما يخالف تعاليم الإسلام ، وما جاء فيه من السهولة والتيسير، ونفي الحرج والضرر عن المسلمين ، كما قال تعالى: }يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُالْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ]{ سورة البقرة : 185 [ وقال تعالى:}مَايُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ]{ سورة المائدة
: 6[حال الناس في الزمان الأول :
وهذا هوالواقع ممن عرفناه قبل خمسين عاما في القرى والمدن ، حيث يأتون إلى صلاة العيد أوصلاة الجمعة من مسيرة ساعتين أو ثلاث ، والكثير منهم يسيرون على أقدامهم حفاةومنتعلين ، ويتحملون ما في ذلك من المشقة والصعوبة ، رغبة في الخير ، وكثرة الأجرالذي يترتب على شهود الجمعة ، مما هو مذكور في كتب الفضائل والأحكام ، ولا شك أنتكليفهم بالرجوع لصلاة الجمعة يشق عليهم .
وحيث إن يوم العيد يوم فرح وسرور وابتهاج ، فإنالمعتاد تزاور الأقارب فيه ، وتبادلهم التهاني والدعاء من بعضهم لبعض بالقولوالبركة ، وهذا مما يحتاج معه إلى لزوم منازلهم؛ ليقصدهم إخوتهم وأصدقاؤهم للتهنئةوالتبريك ، فإذا انشغلوا يوم العيد ، وقطعوا فيه نحو ثمان ساعات ذهابا وإيابا ، فاتعليهم ما فيه غيرهم من الفرح والابتهاج فأما أهل المصر ومن حول المساجد الجوامع فلامشقة عليهم في الإتيان إلى الجمعة ، وأداء فريضتها؛ لوجوبها على الأعيان الذينيسمعون النداء ، أو يقربون من محل إقامة الجمعة ، فقد ورد الأمر بالإتيان إليها عندالنداء بقول الله تعالى: } إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِفَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ{ ]سورة الجمعة الآية 9[ فهذاالخطاب عام لكل من سمع النداء أو كان قريبا من محل الصلاة ، ولا مخصص له .
ولما ورد من الوعيد الشديدفي ترك الجمعة ، كقوله صلى الله عليه وسلم: من ترك الجمعة ثلاث مرار من غير عذر طبعالله على قلبه (، رواه أحمد وغيره عن جابر " وإسناده حسن" .
ومثله حديث أبي الجعدالضمري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع اللهعلى قلبه)، رواه أحمد وغيره ، وحسنه الترمذي .
وقوله صلى اللهعليه وسلم: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات ، أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكوننمن الغافلين(رواه مسلم عن ابن عمر وأبي هريرة.
وروى النسائي عن حفصة أنالنبي صلى الله عليه وسلم قال: رواح الجمعة واجب على كل محتلم(، وغير ذلك من الأدلة على وجوب حضور الجمعة ،وإثم من تركها ، وقد ورد ثواب الخطوات إلى الجمعة ، وفضل التقدم إليها ، وكتابةالملائكة للأول فالأول ، وكفارتها لما بينها وبين الجمعة الثانية ، وغير ذلك منالفضائل التي تفوت من تركها ، ولم يرد مثل ذلك في صلاة العيد ، وإن كانت من القربات، ومما يحصل بها أجر الذهاب والانتظار ، والصلاة والتكبير ، واستماع الخطبة ونحوذلك .
وأما ما ذكره بعضالعلماء ومنهم شيخ الإسلام في أن الجمعة إنما اختصت بالخطبتين ، وقد حصلت لمن حضرالعيد ، أو أن شهود العيد يحصل مقصود الاجتماع ، فهذا قد يكون صحيحا إذا قيل: إنالحكمة في صلاة الجمعة هي الاستفادة من سماع الخطبة ، أو الاجتماع والتلاقي ،وتبادل السلام ، والتعارف ، ولكن قد ذهب الجمهور إلى أن صلاة العيد سنة أو فرضكفاية؛ ولذلك تفوت الكثيرين من المواطنين ، ومع ذلك فإن الجمعة فيها حكـم وفضائلغير سماع الخطبة ، وحصول الاجتماع ، كالتقدم ، والنوافل ، والانتظار ، ونحو ذلك ممالم يرد مثله في صلاة العيد ، وحيث إن أهل العوالي والمساكن النائية يشق عليهمالرجوع للجمعة ، رخـص لهم في تركها ، وقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: أيهاالناس إنكم قد أصبتم خيرا ، فمن شاء أن يشهد الجمعة فليشهد فإنامجمعون(وقد سبق الحديث ، فعلى هذا تكون الرخصة في تركالجمعة خاصة بمن منزله بعيد ، كمن بينه وبين الجمعة مسيرة ساعة أو أكثر .
حال الناس في هذهالأزمنة :
أما في هذه الأزمنة فقد خفت أو عدمت المشقة التي يلاقيها الأولون ،فأولا: بوجود وسائل النقل ، وهي السيارات المريحة ، والتي تقرب البعيد ، بحيث تقطعالفرسخ في بضع دقائق ، بدل ما كان يستغرق السير فيه أكثر من ساعة ونصف ، فمع توفرهذه الوسائل ، وتيسر الحصول عليها لا عذر في ترك الجمعة ، ولو شهد العيد ، فمن لميملك السيارة وجدها عند جاره أو قريبه ، أو دفع أجرة لركوبه لا تضر باقتصاده غالبا، فمن لم يجد الأجرة ، ولم يستطع السير إلى الجامع على قدميه؟ لاستغراقه زمنا كثيراكساعة ونصف أو أكثر فهو معذور في تركها ، ولو في غير يوم العيد كما هو الواقع منالكثير .
وثانيا: ما حصلمن تسهيل العلماء في الإذن بتعدد الجوامع ، والإكثار منها ، فالمدينة النبوية فيالعهد النبوي وعهد الخلفاء الراشدين ليس فيها مسجد تقام فيه الجمعة سوى المسجدالنبوي ، أما الآن فقد توسع الناس وأكثروا من الجوامع ، حتى بلغت العشرات هناك ،ويقال كذلك في مكة المكرمة ، والطائف ، وجدة ، والرياض ، وغيرها ، فقد كثرت الجوامعبل وتقاربت ، بحيث يسمع بعضهم خطبة الآخر وتكبيراته ، فضلا عن الأذان بل تكررت فيالقرى الصغيرة وملحقات المدن ، وإن كان هذا التوسع خلاف المشهور من أقوال العلماء ،وخلاف ما شرعت له الجمعة من اجتماع أهل البلد ، وتعارفهم ، وتقاربهم ، ولكن حصل هذاالتساهل بسبب كثرة الزحام ، وصغر المساجد ، أو التعلل بالمشقة والضعف ونحو ذلك ،وبكل حال فإن تقارب الجوامع وكثرتها تزول معه المشقة في شهود الجمعة لمن حضر صلاةالعيد وغيره ، فلا يجوز التسهيل في أمرها ، والترخيص في حضورها أو تركه ، وإن كانذلك القول المشهور في المذهب الحنبلي؛ نظرا لزوال العذر أو تخفيفه كما ذكرنا،
مع الاتفاق على عدم سقوط الظهر عمن صلى العيد و أن من لم يصلي العيد أن عليه أن يصلي الجمعة ,و أن الإمام يجب ان يقيم الصلاتين جميعا..) انتهى كلامه رحمه الله.
و بعد أن نقلت لكم هذا الخلاف الممتع في الحقيقة و الذي قد جمعه شيخنا العلامة عبدالله بن جبرين فإن الذي يترجح هو قول الحنابلة و هو اختيار شيخ الإسلام و تلميذه و علماء الدعوة النجدية و ذلك لأن الحديث صح كما ذكرت في مناقشتنا للأحاديث الواردة في هذا الأمر , و رغم احترامنا الشديد للعلامة الجبرين لكن و لأنه لما صح الحديث لا كلام لأحد معه, و أما كلام العلامة الجبرين عند ترجيحه لقول بعض الشافعية أنها تسقط عن أهل العوالي دون الأمصار , و ذلك لأنه لو سمح لأهل الأمصار بتركها لأورثهم ذلك غفلة و بعدا عن الدين و لأشغلوا يوم عيدهم باللهو و اللعب , فنقول: قد صح الحديث , فلا ينبغي ترك الحديث لأي رأي مهما كان, و يوم العيد يوم فرح و لهو مباح كما ثبت ذلك في كثير من الأحاديث,و لا نعارضه بالرأي المجرد, و أما الأحاديث الواردة في تحريم الغفلة عن صلاة الجمعة و الوعيد الشديد على من تركها فإنها عامة مخصصة بحديث ابن الزبير, فلا يوجد أي تعارض و لله الحمد, و نحن مع الشيخ عبدالله في أن الأفضل هو حضور الجمعة للأحاديث الدالة على فضل الجمعة , و لكن إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل , فقد صح الحديث في إسقاط الإثم عمن حضر العيد في تخلفه عن حضور الجمعة و قد قال العلامة حافظ الحكمي في منظومته(السبل السوية لفقه السنن المرضية ) عن صلاة الجمعة:
و بصــلاة العيد عنها يكــــتفى حيث توافقا فمن شاء اكتفى
عنها و صلى الظهر في القول الأصح و نقل إجماع عليه قد وضح
لكــــنه يــــشرع للإمام أن يقيمها فعل الرسول المؤتمن
و الله اعلم.
قال ابن قدامة: وَإِنْ اتَّفَقَ عِيدٌ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ , سَقَطَ حُضُورُ الْجُمُعَةِ عَمَّنْ صَلَّى الْعِيدَ , إلَّا الْإِمَامَ , فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا أَنْ لَا يَجْتَمِعَ لَهُ مَنْ يُصَلِّي بِهِ الْجُمُعَةَ . وَقِيلَ : فِي وُجُوبِهَا عَلَى الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ وَمِمَّنْ قَالَ بِسُقُوطِهَا الشَّعْبِيُّ , وَالنَّخَعِيُّ , وَالْأَوْزَاعِيُّ . وَقِيلَ : هَذَا مَذْهَبُ عُمَرَ , وَعُثْمَانَ , وَعَلِيٍّ , وَسَعِيدٍ , وَابْنِ عُمَرَ , وَابْنِ عَبَّاسٍ , وَابْنِ الزُّبَيْرِ , وَقَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ تَجِبُ الْجُمُعَةُ ; لِعُمُومِ الْآيَةِ , وَالْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِهَا وَلِأَنَّهُمَا صَلَاتَانِ وَاجِبَتَانِ , فَلَمْ تَسْقُطْ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى , كَالظُّهْرِ مَعَ الْعِيدِ . وَلَنَا , مَا رَوَى إيَاسُ بْنُ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيُّ , قَالَ : { شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ : هَلْ شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَكَيْفَ صَنَعَ ؟ قَالَ : صَلَّى الْعِيدَ , ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ , فَقَالَ : مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ } . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد , وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ , وَلَفْظُهُ { مَنْ شَاءَ أَنْ يُجَمِّعَ فَلْيُجَمِّعْ } . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ { : اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ , فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ , وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ } . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ . وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ , وَابْنِ عَبَّاسٍ , عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوُ ذَلِكَ . وَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ إنَّمَا زَادَتْ عَنْ الظُّهْرِ بِالْخُطْبَةِ , وَقَدْ حَصَلَ سَمَاعُهَا فِي الْعِيدِ , فَأَجْزَأَ عَنْ سَمَاعِهَا ثَانِيًا , وَلِأَنَّ وَقْتَهُمَا وَاحِدٌ بِمَا بَيَّنَّاهُ , فَسَقَطَتْ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى , كَالْجُمُعَةِ مَعَ الظُّهْرِ , وَمَا احْتَجُّوا بِهِ مَخْصُوصٌ بِمَا رَوَيْنَاهُ , وَقِيَاسُهُمْ مَنْقُوضٌ بِالظُّهْرِ مَعَ الْجُمُعَةِ , فَأَمَّا الْإِمَامُ فَلَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ ; لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : { وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ } وَلِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا لَامْتَنَعَ فِعْلُ الْجُمُعَةِ فِي حَقِّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ , وَمَنْ يُرِيدُهَا مِمَّنْ سَقَطَتْ عَنْهُ , بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ . ( 1382 ) فَصْلٌ : وَإِنْ قَدَّمَ الْجُمُعَةَ فَصَلَّاهَا فِي وَقْتِ الْعِيدِ , فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ , قَالَ : تُجْزِئُ الْأُولَى مِنْهُمَا , فَعَلَى هَذَا تُجْزِئُهُ عَنْ الْعِيدِ وَالظُّهْرِ , وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَى الْعَصْرِ عِنْدَ مَنْ جَوَّزَ الْجُمُعَةَ فِي وَقْتِ الْعِيدِ . وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد , بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَطَاءٍ , قَالَ : اجْتَمَعَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَيَوْمُ فِطْرٍ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ , فَقَالَ : عِيدَانِ قَدْ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ , فَجَمَّعَهُمَا وَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً , فَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ . وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ فِعْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ , فَقَالَ : أَصَابَ السُّنَّةَ . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَذْهَبُ إلَى تَقْدِيمِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ , فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ صَلَّى الْجُمُعَةَ فَسَقَطَ الْعِيدُ , وَالظُّهْرُ , وَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ إذَا سَقَطَتْ مَعَ تَأَكُّدِهَا , فَالْعِيدُ أَوْلَى أَنْ يَسْقُطَ بِهَا , أَمَّا إذَا قَدَّمَ الْعِيدَ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ فِي وَقْتِهَا إذَا لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ .) انتهى كلامه.
و في خاتمة هذا البحث المختصر فلك هذه الفذلكة:
1: صح حديث إجازة ترك الجمعة لمن صلى العيد من المأمومين و أن الأفضل أن يصليها مع الإمام..
2:الراجح أن الجمعة تسقط عمن صلى العيد من المأمومين..
3: لا تسقط صلاة الظهر بأي حال من الأحوال , بل يجب إقامتها لكن لا في المساجد بل في البيوت, و الذي يظهر جواز ان تصلى جماعة في البيوت دون المساجد لعموم فضل صلاة الجماعة..
4: على الإمام أن يقيم صلاتي الجمعة و العيد جميعا..
5: من فاتته صلاة العيد فلا يجوز له ان يترك صلاة الجمعة أبدا..
6: يحمل فعل ابن الزبير على ترك الخروج للناس و الصلاة بهم صلاة الجمعة أو الظهر على أنه صلى الظهر في البيت..
هذا و الله اعلم و صلى الله و سلم على نبينا محمد..
2/2/1431هـ
المراجع: 1: فتح الباري مع هدي الساري لابن حجر..
2: صحيح سنن أبي داوود للإمام الألباني.
3: التمهيد للحافظ ابن عبدالبر النمري الأندلسي.
4: الجامع لأحكام القران للقرطبي..
5: النكت على التهذيب لابن باز.
6: غاية المرام شرح مغني ذوي الأفهام للعبيكان.
7: بلوغ المرام لابن حجر.
8: توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام للبسام.
9: تيسير العلام شرح بلوغ المرام للفوزان.
10:فتاوى الفوزان.
11: وبل الغمامة شرح العمدة في الفقة للعلامة عبدالله الطيار.
12:نيل الأوطار للشوكاني بتحقيق محمد حلاق.
13:تحفة الأخيار للطحاوي .
14: المحلى لابن حزم..
15: المغني لابن قدامة..
16:فتاوى ابن عثيمين.
17:فتاوى ابن تيمية.
18:الاختيارات الفقهية للإمام الألباني لإبراهيم أبو شادي.
19:بحث للشيخ العلامة عبدالله الجبرين رحمه الله تعالى..
20: الدرر السنية في الفتاوى النجدية لابن قاسم.
21: الأفنان الندية لشرح السبل السوية لفقه السنن المروية لزيد المدخلي.
قال الشارح: يعني إذا وافقالعيد يوم الجمعة سقطت عمن حضر مع الإمام ، وممن قال بالسقوط الشعبي ، والنخعي ،والأوزاعي ، وقد قيل: إنه مذهب عمر ، وعثمان ، وعلي ، وسعيد ، وابن عمر ، وابن عباس، وابن الزبير ، وقال أكثر الفقهاء: لا تسقط الجمعة؛ لعموم الآية والأخبار الدالةعلى وجوبها ، ولنا حديث معاوية ، ثم ذكر حديث زيد بن أرقم ، وحديث أبي هريرة(وقد سبق ذكرهما في كلام ابن عبد البر ، وهكذا قال: أبو محمدبن قدامة : وزاد في تعليل الفقهاء لعدم السقوط لأنهما صلاتان واجبتان ، فلم تسقطإحداهما بالأخرى كالظهر مع العيد وأجاب بأن الجمعة إنما زادت عن الظهر بالخطبة ،وقد حصل سماعها في العيد ، فأجزأ عن سماعها ثانيا ، ولأن وقتهما واحد بما بيناهفسقطت إحداهما بالأخرى كالجمعة مع الظهر ، وما احتجوا به مخصوص بما رويناه وقياسهممنقوض بالظهر مع الجمعة . فأما الإمام فلم تسقط عنه؛ لقول النبي صلى الله عليهوسلم: وإنامجمعون(ولأنه لو تركها لامتنع فعل الجمعة في حق من تجب عليه ، ومنيريدها ممن سقطت عنه ، بخلاف غيره من الناس(. وهكذا ذكر ابن أبي عمر.) انتهى النقل من بحث العلامة الجبرين.
3: قول بعض الشافعية و ترجيح الشيخ ابن جبرين أنها تسقط عن أهل العوالي و لا تسقط عن أهل الأمصار..
قال ابن جبرين(
وبعد هذه الجولةوالمراجعة لكتب الأئمة ، والتعرف على مذاهب العلماء وأقوالهم ، يترجح لي قولالشافعية ، ولعله رواية عن الإمام أحمد ، وإن كانت غير المشهورة ، فتكون الرخصةخاصة بمن يأتي إلى العيد من مكان بعيد ، كأهل العوالي ونحوهم ، وذلك من باب التخفيفعليهم ، فإنهم يأتون من مسيرة ساعتين أو نحوها ، فقد يسير بعضهم قبل الفجر بساعة أوأكثر ، ويضطرون إلى الرجوع إلى أهليهم على أرجلهم ، أو على رواحل عادية كالحمروالإبل ، وذلك قد يستغرق ساعتين أو نحوها ، فلو لزمهم الرجوع إلى الجمعة لسارواراجعين نحو ساعتين ، ثم رجعوا مثلها ، فينقضي عيدهم ذلك كله في ذهاب ورجوع ، وفيهذا من المشقة والصعوبة ما يخالف تعاليم الإسلام ، وما جاء فيه من السهولة والتيسير، ونفي الحرج والضرر عن المسلمين ، كما قال تعالى: }يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُالْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ]{ سورة البقرة : 185 [ وقال تعالى:}مَايُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ]{ سورة المائدة
: 6[حال الناس في الزمان الأول :
وهذا هوالواقع ممن عرفناه قبل خمسين عاما في القرى والمدن ، حيث يأتون إلى صلاة العيد أوصلاة الجمعة من مسيرة ساعتين أو ثلاث ، والكثير منهم يسيرون على أقدامهم حفاةومنتعلين ، ويتحملون ما في ذلك من المشقة والصعوبة ، رغبة في الخير ، وكثرة الأجرالذي يترتب على شهود الجمعة ، مما هو مذكور في كتب الفضائل والأحكام ، ولا شك أنتكليفهم بالرجوع لصلاة الجمعة يشق عليهم .
وحيث إن يوم العيد يوم فرح وسرور وابتهاج ، فإنالمعتاد تزاور الأقارب فيه ، وتبادلهم التهاني والدعاء من بعضهم لبعض بالقولوالبركة ، وهذا مما يحتاج معه إلى لزوم منازلهم؛ ليقصدهم إخوتهم وأصدقاؤهم للتهنئةوالتبريك ، فإذا انشغلوا يوم العيد ، وقطعوا فيه نحو ثمان ساعات ذهابا وإيابا ، فاتعليهم ما فيه غيرهم من الفرح والابتهاج فأما أهل المصر ومن حول المساجد الجوامع فلامشقة عليهم في الإتيان إلى الجمعة ، وأداء فريضتها؛ لوجوبها على الأعيان الذينيسمعون النداء ، أو يقربون من محل إقامة الجمعة ، فقد ورد الأمر بالإتيان إليها عندالنداء بقول الله تعالى: } إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِفَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ{ ]سورة الجمعة الآية 9[ فهذاالخطاب عام لكل من سمع النداء أو كان قريبا من محل الصلاة ، ولا مخصص له .
ولما ورد من الوعيد الشديدفي ترك الجمعة ، كقوله صلى الله عليه وسلم: من ترك الجمعة ثلاث مرار من غير عذر طبعالله على قلبه (، رواه أحمد وغيره عن جابر " وإسناده حسن" .
ومثله حديث أبي الجعدالضمري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع اللهعلى قلبه)، رواه أحمد وغيره ، وحسنه الترمذي .
وقوله صلى اللهعليه وسلم: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات ، أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكوننمن الغافلين(رواه مسلم عن ابن عمر وأبي هريرة.
وروى النسائي عن حفصة أنالنبي صلى الله عليه وسلم قال: رواح الجمعة واجب على كل محتلم(، وغير ذلك من الأدلة على وجوب حضور الجمعة ،وإثم من تركها ، وقد ورد ثواب الخطوات إلى الجمعة ، وفضل التقدم إليها ، وكتابةالملائكة للأول فالأول ، وكفارتها لما بينها وبين الجمعة الثانية ، وغير ذلك منالفضائل التي تفوت من تركها ، ولم يرد مثل ذلك في صلاة العيد ، وإن كانت من القربات، ومما يحصل بها أجر الذهاب والانتظار ، والصلاة والتكبير ، واستماع الخطبة ونحوذلك .
وأما ما ذكره بعضالعلماء ومنهم شيخ الإسلام في أن الجمعة إنما اختصت بالخطبتين ، وقد حصلت لمن حضرالعيد ، أو أن شهود العيد يحصل مقصود الاجتماع ، فهذا قد يكون صحيحا إذا قيل: إنالحكمة في صلاة الجمعة هي الاستفادة من سماع الخطبة ، أو الاجتماع والتلاقي ،وتبادل السلام ، والتعارف ، ولكن قد ذهب الجمهور إلى أن صلاة العيد سنة أو فرضكفاية؛ ولذلك تفوت الكثيرين من المواطنين ، ومع ذلك فإن الجمعة فيها حكـم وفضائلغير سماع الخطبة ، وحصول الاجتماع ، كالتقدم ، والنوافل ، والانتظار ، ونحو ذلك ممالم يرد مثله في صلاة العيد ، وحيث إن أهل العوالي والمساكن النائية يشق عليهمالرجوع للجمعة ، رخـص لهم في تركها ، وقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: أيهاالناس إنكم قد أصبتم خيرا ، فمن شاء أن يشهد الجمعة فليشهد فإنامجمعون(وقد سبق الحديث ، فعلى هذا تكون الرخصة في تركالجمعة خاصة بمن منزله بعيد ، كمن بينه وبين الجمعة مسيرة ساعة أو أكثر .
حال الناس في هذهالأزمنة :
أما في هذه الأزمنة فقد خفت أو عدمت المشقة التي يلاقيها الأولون ،فأولا: بوجود وسائل النقل ، وهي السيارات المريحة ، والتي تقرب البعيد ، بحيث تقطعالفرسخ في بضع دقائق ، بدل ما كان يستغرق السير فيه أكثر من ساعة ونصف ، فمع توفرهذه الوسائل ، وتيسر الحصول عليها لا عذر في ترك الجمعة ، ولو شهد العيد ، فمن لميملك السيارة وجدها عند جاره أو قريبه ، أو دفع أجرة لركوبه لا تضر باقتصاده غالبا، فمن لم يجد الأجرة ، ولم يستطع السير إلى الجامع على قدميه؟ لاستغراقه زمنا كثيراكساعة ونصف أو أكثر فهو معذور في تركها ، ولو في غير يوم العيد كما هو الواقع منالكثير .
وثانيا: ما حصلمن تسهيل العلماء في الإذن بتعدد الجوامع ، والإكثار منها ، فالمدينة النبوية فيالعهد النبوي وعهد الخلفاء الراشدين ليس فيها مسجد تقام فيه الجمعة سوى المسجدالنبوي ، أما الآن فقد توسع الناس وأكثروا من الجوامع ، حتى بلغت العشرات هناك ،ويقال كذلك في مكة المكرمة ، والطائف ، وجدة ، والرياض ، وغيرها ، فقد كثرت الجوامعبل وتقاربت ، بحيث يسمع بعضهم خطبة الآخر وتكبيراته ، فضلا عن الأذان بل تكررت فيالقرى الصغيرة وملحقات المدن ، وإن كان هذا التوسع خلاف المشهور من أقوال العلماء ،وخلاف ما شرعت له الجمعة من اجتماع أهل البلد ، وتعارفهم ، وتقاربهم ، ولكن حصل هذاالتساهل بسبب كثرة الزحام ، وصغر المساجد ، أو التعلل بالمشقة والضعف ونحو ذلك ،وبكل حال فإن تقارب الجوامع وكثرتها تزول معه المشقة في شهود الجمعة لمن حضر صلاةالعيد وغيره ، فلا يجوز التسهيل في أمرها ، والترخيص في حضورها أو تركه ، وإن كانذلك القول المشهور في المذهب الحنبلي؛ نظرا لزوال العذر أو تخفيفه كما ذكرنا،
مع الاتفاق على عدم سقوط الظهر عمن صلى العيد و أن من لم يصلي العيد أن عليه أن يصلي الجمعة ,و أن الإمام يجب ان يقيم الصلاتين جميعا..) انتهى كلامه رحمه الله.
و بعد أن نقلت لكم هذا الخلاف الممتع في الحقيقة و الذي قد جمعه شيخنا العلامة عبدالله بن جبرين فإن الذي يترجح هو قول الحنابلة و هو اختيار شيخ الإسلام و تلميذه و علماء الدعوة النجدية و ذلك لأن الحديث صح كما ذكرت في مناقشتنا للأحاديث الواردة في هذا الأمر , و رغم احترامنا الشديد للعلامة الجبرين لكن و لأنه لما صح الحديث لا كلام لأحد معه, و أما كلام العلامة الجبرين عند ترجيحه لقول بعض الشافعية أنها تسقط عن أهل العوالي دون الأمصار , و ذلك لأنه لو سمح لأهل الأمصار بتركها لأورثهم ذلك غفلة و بعدا عن الدين و لأشغلوا يوم عيدهم باللهو و اللعب , فنقول: قد صح الحديث , فلا ينبغي ترك الحديث لأي رأي مهما كان, و يوم العيد يوم فرح و لهو مباح كما ثبت ذلك في كثير من الأحاديث,و لا نعارضه بالرأي المجرد, و أما الأحاديث الواردة في تحريم الغفلة عن صلاة الجمعة و الوعيد الشديد على من تركها فإنها عامة مخصصة بحديث ابن الزبير, فلا يوجد أي تعارض و لله الحمد, و نحن مع الشيخ عبدالله في أن الأفضل هو حضور الجمعة للأحاديث الدالة على فضل الجمعة , و لكن إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل , فقد صح الحديث في إسقاط الإثم عمن حضر العيد في تخلفه عن حضور الجمعة و قد قال العلامة حافظ الحكمي في منظومته(السبل السوية لفقه السنن المرضية ) عن صلاة الجمعة:
و بصــلاة العيد عنها يكــــتفى حيث توافقا فمن شاء اكتفى
عنها و صلى الظهر في القول الأصح و نقل إجماع عليه قد وضح
لكــــنه يــــشرع للإمام أن يقيمها فعل الرسول المؤتمن
و الله اعلم.
قال ابن قدامة: وَإِنْ اتَّفَقَ عِيدٌ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ , سَقَطَ حُضُورُ الْجُمُعَةِ عَمَّنْ صَلَّى الْعِيدَ , إلَّا الْإِمَامَ , فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا أَنْ لَا يَجْتَمِعَ لَهُ مَنْ يُصَلِّي بِهِ الْجُمُعَةَ . وَقِيلَ : فِي وُجُوبِهَا عَلَى الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ وَمِمَّنْ قَالَ بِسُقُوطِهَا الشَّعْبِيُّ , وَالنَّخَعِيُّ , وَالْأَوْزَاعِيُّ . وَقِيلَ : هَذَا مَذْهَبُ عُمَرَ , وَعُثْمَانَ , وَعَلِيٍّ , وَسَعِيدٍ , وَابْنِ عُمَرَ , وَابْنِ عَبَّاسٍ , وَابْنِ الزُّبَيْرِ , وَقَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ تَجِبُ الْجُمُعَةُ ; لِعُمُومِ الْآيَةِ , وَالْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِهَا وَلِأَنَّهُمَا صَلَاتَانِ وَاجِبَتَانِ , فَلَمْ تَسْقُطْ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى , كَالظُّهْرِ مَعَ الْعِيدِ . وَلَنَا , مَا رَوَى إيَاسُ بْنُ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيُّ , قَالَ : { شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ : هَلْ شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَكَيْفَ صَنَعَ ؟ قَالَ : صَلَّى الْعِيدَ , ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ , فَقَالَ : مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ } . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد , وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ , وَلَفْظُهُ { مَنْ شَاءَ أَنْ يُجَمِّعَ فَلْيُجَمِّعْ } . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ { : اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ , فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ , وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ } . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ . وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ , وَابْنِ عَبَّاسٍ , عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوُ ذَلِكَ . وَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ إنَّمَا زَادَتْ عَنْ الظُّهْرِ بِالْخُطْبَةِ , وَقَدْ حَصَلَ سَمَاعُهَا فِي الْعِيدِ , فَأَجْزَأَ عَنْ سَمَاعِهَا ثَانِيًا , وَلِأَنَّ وَقْتَهُمَا وَاحِدٌ بِمَا بَيَّنَّاهُ , فَسَقَطَتْ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى , كَالْجُمُعَةِ مَعَ الظُّهْرِ , وَمَا احْتَجُّوا بِهِ مَخْصُوصٌ بِمَا رَوَيْنَاهُ , وَقِيَاسُهُمْ مَنْقُوضٌ بِالظُّهْرِ مَعَ الْجُمُعَةِ , فَأَمَّا الْإِمَامُ فَلَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ ; لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : { وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ } وَلِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا لَامْتَنَعَ فِعْلُ الْجُمُعَةِ فِي حَقِّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ , وَمَنْ يُرِيدُهَا مِمَّنْ سَقَطَتْ عَنْهُ , بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ . ( 1382 ) فَصْلٌ : وَإِنْ قَدَّمَ الْجُمُعَةَ فَصَلَّاهَا فِي وَقْتِ الْعِيدِ , فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ , قَالَ : تُجْزِئُ الْأُولَى مِنْهُمَا , فَعَلَى هَذَا تُجْزِئُهُ عَنْ الْعِيدِ وَالظُّهْرِ , وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَى الْعَصْرِ عِنْدَ مَنْ جَوَّزَ الْجُمُعَةَ فِي وَقْتِ الْعِيدِ . وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد , بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَطَاءٍ , قَالَ : اجْتَمَعَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَيَوْمُ فِطْرٍ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ , فَقَالَ : عِيدَانِ قَدْ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ , فَجَمَّعَهُمَا وَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً , فَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ . وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ فِعْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ , فَقَالَ : أَصَابَ السُّنَّةَ . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَذْهَبُ إلَى تَقْدِيمِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ , فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ صَلَّى الْجُمُعَةَ فَسَقَطَ الْعِيدُ , وَالظُّهْرُ , وَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ إذَا سَقَطَتْ مَعَ تَأَكُّدِهَا , فَالْعِيدُ أَوْلَى أَنْ يَسْقُطَ بِهَا , أَمَّا إذَا قَدَّمَ الْعِيدَ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ فِي وَقْتِهَا إذَا لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ .) انتهى كلامه.
و في خاتمة هذا البحث المختصر فلك هذه الفذلكة:
1: صح حديث إجازة ترك الجمعة لمن صلى العيد من المأمومين و أن الأفضل أن يصليها مع الإمام..
2:الراجح أن الجمعة تسقط عمن صلى العيد من المأمومين..
3: لا تسقط صلاة الظهر بأي حال من الأحوال , بل يجب إقامتها لكن لا في المساجد بل في البيوت, و الذي يظهر جواز ان تصلى جماعة في البيوت دون المساجد لعموم فضل صلاة الجماعة..
4: على الإمام أن يقيم صلاتي الجمعة و العيد جميعا..
5: من فاتته صلاة العيد فلا يجوز له ان يترك صلاة الجمعة أبدا..
6: يحمل فعل ابن الزبير على ترك الخروج للناس و الصلاة بهم صلاة الجمعة أو الظهر على أنه صلى الظهر في البيت..
هذا و الله اعلم و صلى الله و سلم على نبينا محمد..
2/2/1431هـ
المراجع: 1: فتح الباري مع هدي الساري لابن حجر..
2: صحيح سنن أبي داوود للإمام الألباني.
3: التمهيد للحافظ ابن عبدالبر النمري الأندلسي.
4: الجامع لأحكام القران للقرطبي..
5: النكت على التهذيب لابن باز.
6: غاية المرام شرح مغني ذوي الأفهام للعبيكان.
7: بلوغ المرام لابن حجر.
8: توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام للبسام.
9: تيسير العلام شرح بلوغ المرام للفوزان.
10:فتاوى الفوزان.
11: وبل الغمامة شرح العمدة في الفقة للعلامة عبدالله الطيار.
12:نيل الأوطار للشوكاني بتحقيق محمد حلاق.
13:تحفة الأخيار للطحاوي .
14: المحلى لابن حزم..
15: المغني لابن قدامة..
16:فتاوى ابن عثيمين.
17:فتاوى ابن تيمية.
18:الاختيارات الفقهية للإمام الألباني لإبراهيم أبو شادي.
19:بحث للشيخ العلامة عبدالله الجبرين رحمه الله تعالى..
20: الدرر السنية في الفتاوى النجدية لابن قاسم.
21: الأفنان الندية لشرح السبل السوية لفقه السنن المروية لزيد المدخلي.
مواضيع مماثلة
» فضل يوم الجمعة على المسلمين
» أسباب النزول - سورة الجمعة
» DVDSCR | عيدية العيد : فيلم النجم الكبير احمد مكي " سيما علي بابا " وقبل العرض في السينمات نسخ Rmvb + Mkv تحميل مباشر على اكثر من سيرفر
» على ماي ايجي فقط : بانفراد : الجزء الرابع من سلسلة الرعب والاكشن " Underworld: Awakening 2012 " مترجم بجودة Cam وبحجم 470 ميجا على اكثر من سيرفر
» لعبة جيران من الجحيم الجزء الثاني لعبة Neighbours From Hell 2 ISO للتحميل كاملة ..
» أسباب النزول - سورة الجمعة
» DVDSCR | عيدية العيد : فيلم النجم الكبير احمد مكي " سيما علي بابا " وقبل العرض في السينمات نسخ Rmvb + Mkv تحميل مباشر على اكثر من سيرفر
» على ماي ايجي فقط : بانفراد : الجزء الرابع من سلسلة الرعب والاكشن " Underworld: Awakening 2012 " مترجم بجودة Cam وبحجم 470 ميجا على اكثر من سيرفر
» لعبة جيران من الجحيم الجزء الثاني لعبة Neighbours From Hell 2 ISO للتحميل كاملة ..
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى